بقلم: ذ. الحسين العطشان
في أمسية كروية شدت أنظار المتابعين داخل الوطن وخارجه، نجح المنتخب المغربي الرديف في تحقيق فوز مهم على نظيره السعودي بهدف دون رد، في مباراة سبقتها ضجة إعلامية واسعة، سواء بسبب قيمة الأسماء على دكة البدلاء أو بسبب الرمزية التاريخية للملعب الذي احتضن اللقاء.
جرت المواجهة على أرضية ملعب لوسيل، أمام ما يزيد عن ثمانية وسبعين ألف متفرج، ليجد طارق السكتيوي نفسه في اختبار حقيقي أمام مدرب متمرّس بحجم هيرفي رونار، الذي يعرف الكرة المغربية حق المعرفة. لكن المدرب المغربي أثبت مرة أخرى أنه قادم بقوة، وأن بصمته الفنية وقدرته على قراءة المباريات باتتا عنواناً لمسار تدريبي في صعودٍ مستحق.
دخل السكتيوي المباراة بتصور واضح، اعتمد فيه على الانضباط التكتيكي، والضغط الذكي، والتحوّل السريع من الدفاع إلى الهجوم. ورغم الفوارق في التجربة بينه وبين رونار، فإن أرضية الملعب أنصفت المدرب المغربي الذي تعامل بواقعية مع مجريات اللقاء وأحسن استثمار لحظات الحسم. الهدف الذي سجله المنتخب المغربي لم يكن مجرد كرة في الشباك، بل كان نتيجة عمل منظم وهندسة دقيقة للهجمات.
من جهته، بدا المنتخب السعودي متردداً في الفترات الحاسمة، رغم محاولات رونار لتعديل الإيقاع وإعادة التوازن، إلا أن الصلابة الدفاعية للمنتخب المغربي، إلى جانب التركيز العالي، جعلت مهمته معقدة وأظهرت تفوق القراءة الفنية للسكتيوي.
هذا الفوز لم يكن مجرد نتيجة رياضية، بل رسالة واضحة مفادها أن المدرسة المغربية في التدريب تواصل إنتاج الأسماء القادرة على مقارعة كبار القارة، وأن طارق السكتيوي تحديداً يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كواحد من أبرز المدربين الصاعدين.
انتصار المغرب في لوسيل يكشف أن كرة القدم لم تعد حكراً على الأسماء اللامعة والتجارب السابقة فقط، بل هي أيضاً رهينة الاجتهاد، والجرأة، والقدرة على استثمار التفاصيل الصغيرة… وهي تفاصيل أتقنها السكتيوي في أمسية استثنائية انتصر فيها التخطيط الهادئ على الخبرة الطويلة.
لقد تفوق طارق السكتيوي، وبجدارة، على هيرفي رونار.