في خضم أشغال التهيئة التي يعرفها شارع علال الفاسي بمدينة مراكش، يلاحظ المتتبعون أن حديقة “جواهر” بقيت خارج نطاق هذه الأشغال، دون تشجير أو سقي منتظم، في وقت استفادت فيه الفضاءات المجاورة من تدخلات تهدف إلى تحسين المشهد الحضري وجودة العيش. هذا الوضع خلق حالة من الاستغراب لدى الساكنة والجيران، وفتح باب تساؤلات متعددة حول الوضعية القانونية والإدارية لهذه المساحة الخضراء.
المعطيات المتداولة محليًا تشير إلى أن الحديقة كانت في الأصل تابعة لعمارة جواهر، وهو ما يجعل مسؤولية صيانتها، من حيث المبدأ، مرتبطة باتحاد الملاك. غير أن أحاديث متكررة بين الساكنة تفيد بإمكانية تفويت الحديقة للجماعة في مرحلة سابقة، دون أن يصاحب ذلك أي توضيح رسمي أو بلاغ يحدد طبيعة هذا التفويت أو شكله القانوني، ما يجعل الوضع الحالي غير واضح المعالم.
وإذا كان هذا التفويت قد تم فعلًا، فإن تساؤلات عديدة تفرض نفسها بشكل طبيعي، ليس من باب الاتهام، ولكن من باب الحرص على الشفافية، خاصة أن أي انتقال من الملكية الخاصة إلى الاستعمال العمومي يخضع لمساطر قانونية دقيقة، من شأنها أن تحدد بوضوح من يتحمل مسؤولية السقي والصيانة والإدماج في برامج التهيئة. أما إذا لم يتم التفويت، فإن بقاء الحديقة في هذه الوضعية يطرح بدوره علامات استفهام حول سبب غياب تدخل اتحاد الملاك، خصوصًا في مرحلة تعرف فيها المنطقة إعادة تهيئة شاملة.
الواقع الميداني يعكس حالة وسطى لا تخدم أحدًا، حيث تبدو الحديقة غير مستفيدة لا من صيانة خاصة منتظمة ولا من تدخل عمومي واضح، وهو ما يجعلها نقطة فراغ داخل مشروع حضري يفترض فيه الانسجام والتكامل. هذا الوضع، وإن كان لا يسمح باستخلاص استنتاجات مسبقة، فإنه يبرر طرح أسئلة هادئة حول الجهة التي تتولى فعليًا تدبير هذا الفضاء، وحول الأساس الذي تُبنى عليه القرارات المتعلقة بإدماجه أو استبعاده من مشاريع التهيئة.
وفي هذا السياق، يرى عدد من المتابعين أن اتحاد ملاك عمارة جواهر يبقى الطرف الأكثر قدرة على طلب توضيح رسمي بشأن الوضعية القانونية للحديقة، سواء عبر مخاطبة الجماعة أو الجهات المعنية، من أجل تحديد طبيعتها بدقة، ووضع حد لحالة الالتباس القائمة. فالمبادرة في هذا الاتجاه من شأنها أن تخدم مصلحة الساكنة، وتحفظ حقوق الجميع، وتساهم في إدماج هذه المساحة الخضراء ضمن رؤية واضحة، سواء كملكية خاصة مصانة أو كفضاء عمومي مهيأ.
إن ما يُطرح اليوم ليس اتهامًا ولا تشكيكًا، بل تساؤلات مشروعة تفرضها الوقائع الميدانية، ودعوة صريحة إلى توضيح قانوني وإداري يضمن انسجام التهيئة بشارع علال الفاسي، ويحفظ للمدينة فضاءاتها الخضراء، في إطار من الشفافية وحسن التدبير.