Preloader Image
news خبر عاجل
clock
مجلس العمدة المنصوري… مكاتب الدراسات وفلسفة النظرية والتجربة

مجلس العمدة المنصوري… مكاتب الدراسات وفلسفة النظرية والتجربة

كل مشروع للشوارع الكبرى في مراكش يبدأ بالعبارة نفسها: “قمنا بدراسات معمقة مع مكتب الدراسات.” كلمات رسمية توحي بالدقة والاحترافية، وكأن النجاح مضمون قبل البدء. النظرية موجودة على الورق، المخططات جاهزة، الخرائط الزمنية محددة، والوعود كبيرة.


لكن الواقع على الأرض يكشف أن مجرد وجود الدراسات لا يكفي. الشوارع الكبرى، من شارع علال الفاسي مرورًا بمولاي عبد الله وصولًا إلى طريق فاس، تظهر أشغالًا متقطعة، أرصفة جزئية، طرقًا غير مكتملة، ومراحل غير متسقة كما ينبغي. الفجوة بين النظرية والتطبيق واضحة لكل من يمر ويلاحظ، والمدينة تختبر الدرس الفلسفي القديم: النظرية بلا تجربة لا تنتج سوى أوراق جميلة على الرفوف.


نعم، نحن نعرف كفاءة السيدة وكفاءتها في التدبير، وجهودها في وضع الخطط والدراسات، لكن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه الدراسات إلى واقع ملموس على الأرض، حيث تُرى نتائج العمل وتُحس آثار التطبيق.


أستاذتي المرحومة، بندومو بثانوية بن عباد، كانت تقول في درسها عن النظرية والتجربة: “النظرية على الورق بلا تجربة على الأرض ككتاب بلا حياة. الفهم الحقيقي يظهر فقط عندما نطبق ما تعلمناه ونرى النتائج أمام أعيننا.” كانت تشرح ذلك بإعطاء أمثلة لمشاريع المدن الكبرى، حيث تبدأ الأشغال قبل أي حدث مهم بأسابيع أو أشهر، وتكتمل الطرق والأرصفة في الوقت المناسب، لتكون المدينة منظمة وجاهزة لاستقبال الزوار.


في مراكش، يبدو أن التطبيق لم يواكب النظرية بالشكل المطلوب. حتى لو كانت مواعيد الإنجاز الرسمية بعد كأس إفريقيا، كان بالإمكان تسيير المرحلة بطريقة عقلانية، تبدأ الأشغال في وقت كافٍ، وتنسق المراحل لضمان جاهزية الشوارع الكبرى قبل الحدث. المدينة تستحق أن تتحول كل دراسة إلى تجربة ملموسة، تعكس التنظيم والاحترافية، وتقدم صورة مشرفة لكل ساكن وزائر.


الدرس واضح: النظرية مهمة، ولكن التجربة والتطبيق الواقعي هما اللذان يبرزان الفارق بين الكلام على الورق وواقع المدينة. مراكش مدينة النخيل والجمال، وكل تأخير في التطبيق يجعل الصورة العامة أقل اكتمالًا، وكل مرحلة تنفذ بعقلانية تمنح المدينة فرصة لتكون جاهزة لأحداث أكبر، مثل كأس إفريقيا، وتمهد الطريق لتسويقها لاحقًا لكأس العالم.


لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستكون هذه الشوارع الكبرى بنفس الحلة في عام 2030، عندما تحين ساعة كأس العالم؟ يبدو أن الأمر بعيد المنال.


الأجدر، قبل التفكير في المستقبل البعيد، أن تُستغل الفترة الحالية لجعل الشوارع الكبرى جاهزة ومهيأة قبل كأس إفريقيا، حتى تظهر مراكش في أفضل صورة أمام الزوار والسياح. النجاح هنا لا يُقاس فقط بالأوراق والمخططات، بل بما يراه الزائر على الأرض، وبكل خطوة تنفيذية مدروسة بعقلانية.


التحضير للبطولة الإفريقية هو فرصة ذهبية لإظهار قدرة المدينة على التنظيم، لإظهار النتائج الحقيقية للتخطيط وللتجربة، ولتسويق صورة مراكش بكفاءة استعدادًا للمرحلة الأكبر: كأس العالم 2030. كل رصيف مكتمل، كل شارع جاهز، وكل مسار مرور منظم هو إعلان حي بأن المدينة تعرف كيف تحول النظرية إلى تجربة ناجحة، وأن التخطيط العقلاني يمكن أن يجعل المواعيد الرسمية أكثر واقعية، والنتائج على الأرض أكثر إبهارًا.


النجاح الحقيقي يُقاس بما يُرى على الأرض، وما يُشعر به الساكن والزائر، لا بما يُكتب في التقارير أو يُعرض في الاجتماعات. المشاريع الكبرى تحتاج النظرية والتجربة معًا، لكن الأهم هو التنفيذ العقلاني الذي يجعل النظرية حقيقة ملموسة ومدينة مهيأة لاحتضان الأحداث الكبرى.


يظل درس النظرية والتجربة حيًا في كل شارع ومشروع: النظرية تعطي الخطة، التجربة تكشف الحقيقة، والتطبيق العقلاني يحول الأحلام والخرائط إلى واقع ملموس يُرى ويُحس، ليس على الورق، بل على أرض المدينة التي نعيش فيها ونفتخر بها

اترك ردا

إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اخبار ذات صلة

تابعنا

أفضل الفئات

يرجى قبول ملفات تعريف الارتباط لتحسين الأداء