المغرب يتقدم… لكن السياسة ما زالت تسير بسرعة غير متجانسة
مقال رأي : يوسف اكومازين
بلدنا الحبيب يتحرك بقوة لكن ساسته أو سياسته ما تزال تتحرك بحذر يشبه التراجع
هناك واقع لا يمكن للخطابات أن تغطيه ، الدولة تنجز الكثير والمشاريع تتوسع والمكاسب الدولية تتراكم لكن الساسة يصرّون على البقاء خارج اللحظة ، والنتيجة للأسف مفارقة صارخة ، بلد يتقدم إلى الأمام ونخب سياسية تتراجع إلى الخلف .
لقد أثبتت السنوات الأخيرة أن المغرب قادر على بناء قوة اقتصادية ومؤسساتية ودبلوماسية حقيقية
بنى موانئ تصنع الفرق ، طوّر طاقات نظيفة تجذب العالم ، رسّخ موقعه في إفريقيا، وحقق اختراقات دبلوماسية غير مسبوقة في ملف الصحراء.
كل هذا يجري باستقرار كبير و لافت وبقيادة واعية تدرك حجم التحديات وتعقيدات المرحلة
لكن أين هي السياسة و الاحزاب من كل هذا ؟
أين الأحزاب التي يفترض أن تترجم تطلعات الناس؟
وأين النخب التي تقول أنها صوت الشارع ؟
الجواب مؤسف الأحزاب خارج التغطية
مشغولة بتفاصيل صغيرة بخلافات داخلية و بصراعات المقاعد و بتوزيع المنافع لا بصناعة المستقبل
في وقت يتحرك فيه العالم بسرعة الضوء لا تزال السياسة عندنا تتفاوض مع نفسها على إطفاء الأنوار قبل النوم.
إن أكبر عقبة يواجهها المغرب اليوم ليست في الخارج وليست في الظروف الدولية بل في عقل سياسي لم يعد يواكب حجم التغيير المطلوب ، عقل يبرر أكثر مما يقرر ويؤجل أكثر مما ينجز ويتحدث عن الإصلاح أكثر مما يمارسه.
المغاربة لم يعودوا يقبلون هذا الإيقاع البطيء
يريدون دولة عادلة ومؤسسات فعالة ومسؤولين يعرفون معنى المسؤولية لا معنى الامتياز.
يريدون تعليمًا يعيد للبلد مكانته وصحة تحمي كرامتهم وفرصًا لا تمر عبر “الواسطة”، وعدالة لا تنحني إلا للقانون
المغرب اليوم يملك كل مقومات الانطلاق
مشاريع ، بنية تحتية ، موقع جيوسياسي ، قيادة مستقرة ، وشعب ناضج يعرف ما يريد.
ما ينقصه هو شجاعة سياسية تحسم الأمور بدل تدويرها، تدفع إلى الأمام بدل أن تكتفي بالمشاهدة وتخرج من منطقة الراحة إلى منطقة الفعل
إن المغرب اليوم لا يحتاج إلى من يصفّق ، بل إلى من يتحرك
ولا يحتاج إلى من يبرر بل إلى من يجرؤ
الزمن لا ينتظر ومن لم يتغير طوعًا… يتغير قسرًا
وفي النهاية يبقى المغرب أكبر من ألاعيب السياسيين وأصلب من حسابات الكراسي ، وأقوى من كل من اعتقد أن نفوذه أهم من مصلحة الوطن.
هذا بلد لا يساوم على وحدته ، ولا يغفر لمن يعبث بثرواته ، ولا يرحم من يضع طموحه الشخصي فوق مستقبل شعبه.
فمن أراد أن يخدمه فالباب مفتوح ومن أراد أن يستغله فالتاريخ أقصر عمرًا من أن يحميه
المغرب ليس غنيمة للانتهازيين ولا منصة للطامعين ولا ساحة لمن يختبر صبر الشعب
هذه دولة لها مناعة متجذرة وذاكرة لا تمحى وحكم قاسٍ على من يحاول إسقاطها من الداخل ، فمن خان ثقة هذا الشعب فقد خان نفسه قبل وطنه ومن باع مصالح بلده فقد كتب نهايته بيده.
والمبدأ ثابت لا يتغير
المغرب ينتصر دائمًا في النهاية
ولا عاش من خانه.
يوسف أكومازين