قبل أيام قليلة من انطلاق الحافلات الجديدة في شوارع مراكش، تغيّر مزاج النقاش اليومي وسط الركاب. الحديث لم يعد منصبّاً فقط على الأسطول الجديد أو مظهر الحافلات، بل انتقل سريعاً إلى مسألة أكثر التصاقاً بالحياة اليومية: تسعيرة الرحلة التي حُددت في خمسة دراهم.
في محطات الانتظار، داخل الحافلات القديمة، وفي الأحاديث العابرة بين العمال والطلبة، يتكرر نفس النقاش تقريباً. فبين من كان ينتظر هذا التحديث كخبر مفرح، ومن بدأ يحسب الكلفة اليومية للتنقل، ظهرت فئة تشعر بأن الفرحة لم تكتمل كما كان متوقعاً.
الإشكال الذي يتردد بقوة بين الناس لا يرتبط برحلة واحدة، بل بطبيعة التنقل داخل المدينة. عدد كبير من المستعملين لا تكفيهم حافلة واحدة للوصول إلى وجهاتهم اليومية، بل يضطرون إلى استعمال حافلتين متتاليتين، وأحياناً أكثر، سواء من الأحياء الهامشية نحو وسط المدينة، أو بين مناطق العمل والدراسة.
هذا الواقع يجعل الكلفة اليومية تتضاعف تلقائياً. رحلة واحدة بخمسة دراهم قد تتحول إلى عشرة دراهم في اتجاه واحد، وعشرين درهماً ذهاباً وإياباً. ومع تكرار هذا السيناريو طيلة أيام الأسبوع، تصبح التسعيرة الجديدة موضوع قلق حقيقي بالنسبة لفئات واسعة تعتمد كلياً على النقل العمومي.
في هذا السياق، يُسمع كلام متداول بين الركاب مفاده أن الكثيرين كانوا يفضّلون بقاء التسعيرة السابقة، حتى مع قدوم الحافلات الجديدة. ليس رفضاً للتحديث، بل خوفاً من أن تتحول جودة الخدمة إلى عبء إضافي على ميزانية الأسر، خصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتتباين الآراء داخل الشارع المراكشي. فهناك من يرى أن تحسين النقل الحضري خطوة ضرورية، طال انتظارها، وأن التجديد يفرض كلفة إضافية. في المقابل، يعتبر آخرون أن النقل العمومي يبقى خدمة أساسية، وأن أي تغيير في تسعيرته ينعكس مباشرة على الفئات التي لا تملك بديلاً آخر للتنقل.
وسط هذا النقاش، يبرز حديث متكرر عن فئة المستخدمين اليوميين، الذين يرتبط تنقلهم بالعمل أو الدراسة، ولا يملكون خيار تقليص عدد الرحلات. هؤلاء يجدون أنفسهم أمام واقع جديد، تُحتسب فيه كل رحلة بدقة، ويُعاد فيه النظر في المصاريف الشهرية المرتبطة بالتنقل داخل المدينة.
هكذا، وبين الترقب والقلق، تدخل مراكش مرحلة جديدة في النقل الحضري. حافلات جديدة في الشكل والتجهيز، ونقاش قديم متجدد حول الكلفة والقدرة على التحمل. ومع اقتراب موعد التشغيل الفعلي، يبقى الشارع المراكشي في انتظار ما ستكشفه الأيام الأولى، وما إذا كانت هذه الخطوة ستنجح في تحقيق التوازن بين التطوير ومراعاة واقع مستعملي الحافلات.