Preloader Image
news خبر عاجل
clock
إنذار عمراني جديد بالنخيل الجنوبي

إنذار عمراني جديد بالنخيل الجنوبي

لم يكن ما وقع بحيّ الفخارة، بالنخيل الجنوبي، مجرد انهيار جزئي لسقف منزل، بل نتيجة متوقعة لمسار طويل من التغاضي والتأجيل في التعامل مع ملف المباني الهشة. حادثٌ جاء ليُذكر، مرة أخرى، بأن الخطر لا يسقط فجأة، بل يُترك لينضج فوق رؤوس السكان، في غياب قرارات حاسمة ومسؤوليات واضحة.

في الساعات الأولى من الصباح، اهتزّ الحي على وقع انهيار جزء من سقف بناية سكنية، كان بداخلها أربعة أشخاص وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه مع خطر داهم. نجاتهم لم تكن ثمرة منظومة وقائية فعّالة، بل نتيجة تدخل استعجالي فرضته الظروف، وتوقيت حال دون الأسوأ. وهو معطى يطرح سؤال الجاهزية قبل وقوع الخطر، لا بعده.

ميدانيًا، حضرت السلطات المحلية والوقاية المدنية إلى عين المكان، حيث جرى تطويق البناية وتأمين محيطها، وفتح تقييم تقني لتحديد أسباب الانهيار. غير أن هذا التحرك، رغم ضرورته، يبقى إجراءً لاحقًا، لا يُخفي حقيقة أن مؤشرات الخطر كانت قائمة منذ زمن، في بناية تظهر عليها علامات التآكل والتقادم، دون أن تحظى بأي معالجة وقائية تُذكر.

الواقعة تُعيد إلى الواجهة مسؤولية المتدخلين في الشأن المحلي، من جماعة ترابية، ومصالح تقنية، وسلطات مراقبة، يفترض فيها القيام بعمليات جرد منتظمة للمنازل المهددة بالسقوط، واتخاذ قرارات استباقية، سواء عبر التدعيم، أو الإفراغ، أو إعادة الإيواء. غير أن الواقع يكشف عن اختلال واضح في تفعيل هذه الآليات، حيث لا يتحرك الملف إلا حين يقع الانهيار، وتُصبح المعالجة مفروضة تحت ضغط الخطر.

ويزداد هذا السؤال إلحاحًا حين يتعلق الأمر بأحياء مأهولة تعرف كثافة سكانية مرتفعة، حيث أي تأخر في التدخل قد يُفضي إلى خسائر بشرية. فالتعامل بمنطق “النجاة بأقل الأضرار” لا يمكن أن يُعدّ نجاحًا، بل مؤشرًا على فشل وقائي يهدد السلامة العامة.

إن ما جرى بحي الفخارة ليس حدثًا معزولًا، بل حلقة في سلسلة وقائع مشابهة عرفتها أحياء أخرى، تؤكد أن ملف البنايات الآيلة للسقوط ما يزال يُدار بعقلية الترقيع، لا بعقلية الحسم. وهو وضع يفرض مساءلة حقيقية للجهات المعنية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، بدل الاكتفاء بتدخلات ظرفية تُسجَّل في محاضر دون أثر طويل المدى.

فالمدينة التي تُراكم مشاريع التهيئة والتأهيل، لا يمكن أن تقبل باستمرار بؤر الخطر داخل أحيائها، حيث يتحول السكن من حق آمن إلى مصدر تهديد دائم. وما لم تُتخذ قرارات واضحة اليوم، فإن انهيار سقف الفخارة لن يكون الأخير، بل مجرد تنبيه جديد في سلسلة إنذارات لا تنتهي.

اترك ردا

إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اخبار ذات صلة

تابعنا

أفضل الفئات

يرجى قبول ملفات تعريف الارتباط لتحسين الأداء