Preloader Image
news خبر عاجل
clock
امرأة بين مكناس ومراكش… حكاية جسد يرتجف في الليل، ومدينة تحاول… ثم تعجز

امرأة بين مكناس ومراكش… حكاية جسد يرتجف في الليل، ومدينة تحاول… ثم تعجز

في زاوية مظلمة من أحد أحياء مراكش، وبين سيارة مركونة وجدار بارد، ترقد سيدة تحت غطاء خفيف لا يصدّ برد الشتاء ولا يصدّ قسوة الشارع. جسد منكمش، حقيبة بجوارها، وعيون غائبة خلف معاناة عمرها أثقل من كل ما تحمله على ظهرها.

هذه ليست لقطة عابرة… هذه حياة كاملة تتفكك في العلن.

السيدة جاءت من مكناس، محمولة على أمل أن تجد دفئًا أو يدًا تمتد.

وقد امتدت الأيادي فعلًا:

عائلتها تسلّمتها أكثر من مرة، والسلطات المحلية تدخلت، ونُقلت إلى مراكز الإيواء بحثًا عن حماية مؤقتة من الشارع وشتائه…

لكنها في كل مرة تعود إلى نفس الرصيف، كأن المدينة تدور بها، أو كأن شيئًا بداخلها يعيدها إلى هذا الفراغ القاسي.

مشاهد مثل هذه لا تُبكي لضعف الجسد فقط، بل لضعف النظام العلاجي والإيوائي الذي يفترض أن يضمن لأمثالها حدًّا أدنى من الاستقرار.

فالمرأة — حسب شهادات الجيران والمتطوعين — تعاني من اضطرابات عقلية واضحة، ومع ذلك، فإن بعض المؤسسات الاستشفائية المتخصصة لا تتفاعل بما يلزم، ولا تضمن لها علاجًا مستمرًا أو مسارًا طبيًّا مستقّرًا يعيدها إلى الحياة بدل أن يعيدها إلى الرصيف.

هذه السيدة ليست “حالة معزولة”.

إنها مرآة فاضحة لما تعيشه فئات هشّة تُركت في منطقة رمادية بين الإيواء والضياع، بين العلاج والإهمال، بين المحاولة… والاستسلام.

وكم هو موجع أن يتحول الرصيف إلى سرير، والسماء إلى بطانية، والمدينة — بكل ضوئها وصخبها — إلى غرفة انتظار لا يأتي فيها أحد.

اليوم، هذه السيدة تحتاج أكثر من غطاء…

أكثر من عودة مؤقتة إلى العائلة…

أكثر من مأوى لليلة أو ليلتين…

إنها تحتاج إلى حلّ إنساني دائم،

إلى علاج يرافقها،

إلى متابعة لا تنقطع،

إلى مؤسسة تفتح الباب… ولا تغلقه بعد أسبوع.

ليس من العدل أن نرى إنسانًا يتفكك أمامنا ثم نقول: “لقد حاولنا”.

المحاولة ليست كافية عندما تكون الكرامة البشرية على الأرض.

والبرد لا ينتظر.

والألم لا يعرف النوم.

هذه السيدة تبكي بصمت…

ويبكي معها كل ما تبقى من إنسانيتنا.

اترك ردا

إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اخبار ذات صلة

تابعنا

أفضل الفئات

يرجى قبول ملفات تعريف الارتباط لتحسين الأداء