مقال رأي
يصعب اليوم الحديث عن مراكش دون التوقف عند حالة الارتباك التي أصبحت تطبع تدبيرها اليومي. فبعيدًا عن الصور الترويجية والملصقات السياحية اللامعة، تعيش المدينة على إيقاع فوضى متنامية تكشف محدودية أداء المجلس الجماعي، وعجزه عن مواكبة حجم التحديات التي تفرضها مدينة بتاريخ مراكش وثقلها الوطني والدولي.
حين يغيب التنظيم يحضر الارتجال
في شوارع مراكش وساحاتها، يبدو المشهد وكأنه خارج أي منطق للتدبير الحضري: احتلال عشوائي للملك العمومي، اختناق مروري مزمن، تسيب في بعض الأنشطة التجارية والسياحية، وتراجع ملحوظ في جودة الفضاء العام. وهي مظاهر لا يمكن فصلها عن غياب سياسة جماعية واضحة، تحكمها الرؤية والتخطيط بدل القرارات الظرفية والترقيعية.
المقلق أن هذه الفوضى لم تعد استثناءً، بل تحولت إلى قاعدة يومية، وكأن المدينة تُدار بمنطق “تدبير الأزمة” لا بمنطق استباقها.
مجلس جماعي بلا بوصلة
يبدو المجلس الجماعي، في نظر كثيرين، منشغلاً بالتدبير الإداري أكثر من انشغاله بالواقع الميداني. فبين تأخر إنجاز المشاريع، وضعف التتبع، وغياب الصرامة في تطبيق القوانين التنظيمية، تضيع مراكش في متاهة من الاختلالات التي كان بالإمكان تفاديها بحد أدنى من الحكامة والانسجام.
كما أن ضعف التنسيق بين المصالح الجماعية وباقي المتدخلين يفرغ القرارات من فعاليتها، ويحوّلها إلى مجرد بلاغات لا أثر لها في الشارع.
صورة المدينة على المحك
المدينة التي تستقبل ملايين السياح سنويًا، وتستعد لاحتضان تظاهرات دولية كبرى، لا يمكنها الاستمرار بهذا الإيقاع المرتبك. فالفوضى لا تسيء فقط لراحة الساكنة، بل تمس مباشرة سمعة مراكش كوجهة سياحية، وتطرح تساؤلات جدية حول جاهزيتها واستدامة نموذجها التنموي.
المواطن… الحلقة الأضعف
وسط هذا المشهد، يظل المواطن المراكشي هو المتضرر الأول. فهو يواجه يوميًا تداعيات قرارات غير واضحة، ومرافق عمومية تفتقر إلى الجودة، وفضاءً حضريًا لا يشعر فيه بالانتماء ولا بالأمان التنظيمي. ومع ذلك، يغيب صوته عن دوائر القرار، في ظل ضعف آليات المشاركة والتواصل.
الحاجة إلى وقفة تصحيح
مراكش لا تحتاج إلى المزيد من الوعود، بل إلى وقفة شجاعة تعيد الاعتبار للتخطيط، وتربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجعل من التنظيم واحترام القانون أولوية لا خيارًا. فإما أن يستعيد المجلس الجماعي زمام المبادرة، أو تظل المدينة رهينة لفوضى تدبير تُكلفها الكثير.